عام 1918 انتشر وباء قاتل فى أعقاب الحرب العالمية الأولى فى أوروبا وخلّف وراءه ملايين القتلى من الشباب الأصحاء على وجه الخصوص، عرف وقتها باسم “الإنفلونزا الإسبانية”.
وصفوها حينها بالأكثر فتكا فى التاريخ، حيث مات منها قرابة 50 مليون شاب ممن تتراوح أعمارهم بين الـ 18 والـ 29 ، حيث ذكرت الإحصائيات أنها قتلت نحو 25 مليونا بعد أول 25 أسبوعا من ظهورها ليصبح القدر النهائى لنسبة الإبادة التى تسبب فيها هذا الفيروس ما يتراوح بين 50 إلى 100 مليون قتيل من سكان المعمورة.
تسبب هذا الفيروس فى حيرة العلماء، حيث لم يعرفوا “لماذا استهدفت الشباب على الأخص؟”، حيث إن الأوبئة تستهدف عادة كبار السن والأطفال والأشخاص المرضى أو ضعيفى المناعة، والآن يكشف لنا العلم الحديث السبب.
والتفسير العلمى اتضح أن السبب غاية فى البساطة، حيث إن مواليد عام 1889، من الشباب الذين مرضوا بهذه الإنفلونزا، لم يتعرضوا لمثل هذا النوع المتطور من الفيروس قبل ذلك على عكس البالغين الذين تعرضوا لوباء مماثل قبل ذلك بأعوام فاكتسبوا المناعة.
إذن فالأمر كله متعلق بالوقت، فعندما درس الباحثون مكونات فيروس 1918 وتاريخ تطوره وجدوا أنه تكون بفعل جينات من سلالات إنفلونزا الإنسان والطيور على حد سواء، والتى ترجع إلى عام 1830.
وشرح الباحثون وفقا لما ذكره موقع “National Geographics”، أن مواليد 1889 تعرضوا فقط لنوع من الإنفلونزا يدعى H3N8 أو الإنفلونزا الروسية، والتى خلّفت جيلا من الأطفال الذين سهُل اختراق جهازهم المناعى الذى لم يصادف فى حياته القصيرة ما هو شبيه بالإنفلونزا الإسبانية التى كانت من سلالة فيروس H1N1.
أما عن الأطفال كانوا بحلول عام 1918 قد حصلوا بالفعل على مناعة جزئية مكتسبة من فيروسات شبيهة تدعى H1 والتى أتت بعد عام 1900، وبذلك يترك كل من الأطفال وكبار السن، الشباب الأصحاء ليواجهوا فيروس H1N1 وحدهم.