لطالما فجّرت أفلام الخيال العلمى الهوليودية ينابيع الدهشة فى عقولنا، ومنحتنا تصوّرات عن حياة أكثر تقدّمًا وصحّة للبشر خارج غلاف الأرض، وعلى ذات المنوال تخطو وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أول خطوة حقيقية على طريق هذا الحلم.
فقد أصبح التفكير فى الانتقال والعيش خارج الأرض متاحًا وقابلاً للتحقق الآن، وعليك أن تبدأ التفكير فى توفيق أوضاعك وتفاصيل حياتك بما يسمح بمتابعة أعمالك ومشروعاتك وأقاربك وأصدقائك فى الأرض، بينما تنعم بحياة خضراء جديدة – كمُنتَج خارج لتوّه من المصنع – فى كوكب جديد لم يتشوّه بعد، وأن تفكّر فى تنسيق مواعيد رحلاتك وزياراتك لكوكبك القديم، فأنت الآن على بعد 500 سنة ضوئية من حياتك القديمة.
* ومضة الاكتشاف.. ومضة الحياة
تصدرت عناوين الأخبار مؤخّرًا، أنباء عن اكتشاف علماء وكالة "ناسا" الأمريكية كوكبًا جديدًا يدور فى فلك صالح للحياة خارج المجموعة الشمسية، والذى رصده تليسكوب "كيبلر" الفضائى، ومنه أخذ الكوكب الجديد اسمه "كيبلر 186 إف"، ويقع خارج المجموعة الشمسية، على مسافة متوسطة من نجم أصغر وأقل حرارة من الشمس، ويمكن – طبقًا لمواصفاته وموقعه وبياناته الأولية – أن يحتوى على الماء فى شكل سائل، وبهذا يكون متاحًا للحياة.
* شهادة الميلاد.. وملامح المولود
يقع النجم المعروف باسم "كيبلر 186" - الذى يدور فى فلكه هذا الكوكب ويستمد منه طاقته وحرارته - على بعد حوالى 500 سنة ضوئية من الأرض، ضمن مجموعة نجمية تُسمّى مجموعة "الدجاجة"، والنجم أصغر من الشمس ويميل لونه إلى الحمرة.
وتصل إلى الكوكب الجديد من إشعاعات نجم "كيبلر 186" ما يعادل ثلث الإشعاعات التى تصل إلى كوكب الأرض من الشمس، وذلك يعنى أن فترة الظهيرة فى ذلك العالم قريبة بشكل أو بآخر من الوضع على الأرض قبل ساعة من مغيب شمسنا، وبعد هذا الكوكب عن شمسه مناسب لجعل الماء - إذا وجد على سطحه – فى صورة سائلة.
وقال توماس باركلى، عالم الفلك بمركز بحوث "إيمز" التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا" فى موفيت فيلد بولاية كاليفورنيا الأمريكية: "وجدنا كوكبًا بنفس حجم الأرض، ويحصل على كمية مماثلة من الطاقة التى يحصل عليها كوكبنا، ولكن الكوكب له مدارات مختلفة عن الأرض، ولذلك نستطيع القول إنه ليس توأمًا للأرض، بل قد يكون ابن عمّ له".
* الطريق إلى "كيبلر"
ما زال تحليل البيانات التى أرسلها التليسكوب "كيبلر" مستمرّا، حيث تتمّ ملاحظة الحالة الفلكية للكوكب من الموضع الذى اتخذه "كيبلر"، ووفق الحسابات الفلكية والفيزيائية فإن كوكبًا بحجم وموقع الأرض، يدور حول نجم كالشمس، سيحجب ما بين 80 و100 فوتون من كل مليون فوتون "جسيم أوّلى مكون للضوء"، أثناء مروره أمام التليسكوب، ويتكرر هذا النمط كل 365 يومًا، ويتعين أن يتكرر مرور الكوكب ثلاث مرّات على الموضع الذى يقف فيه التليسكوب، مع تكرار القراءات الملتقطة خلال هذه المرّات، كى يتم التأكد من المعلومات الموثّقة بشأنه واستبعاد الاحتمالات الأخرى، ولهذا يستغرق البحث وقتًا طويلًا إلى حدٍّ ما.
بينما ستكون أهداف التليسكوب فى المستقبل، معرفة معلومات عن طبيعة الغلاف الجوى لهذا الكوكب، لبحث أنواع وأحجام الكيماويات والعناصر التى سترتبط بالحياة عليه، حيث إن وجود هذا الكوكب فى منطقة مأهولة فلكيًّا - من بين الـ 1800 كوكب التى تم اكتشافها مسبقا خارج المجموعة الشمسية - لا يعنى بالضرورة أن يكون مأهولًا.