فى هوليوود تسلط الأضواء بشدة على النجوم، خاصة أولئك الذين حضروا أوقاتا عصيبة ودقائق لا تنسى، يحبس الجميع فيها أنفاسهم من أجل ترقب اللحظات الفارقة، كما حدث مع النجم ميكى رونى الذى عاصر الحرب العالمية الثانية وحصل وقتها على جائزة الأوسكار، وفى سنوات طفولته أصبح نجم شباك يذهب الجمهور إلى دور العرض من أجله، وعندما مات قبل ساعات عن عمر يناهز 93 عاما استحق أن ينال كل هذا الزخم لدى جمهوره ومحبيه.
"كايرو دار" تتجول فى مسيرته منذ ولادته مرورا بسنوات نجوميته منقطعة النظير، انتهاء بوفاته فى منزله هادئا مطمئنا ولسان حال جمهوره يقول: "ارقد بسلام يا ميك فسوف نتذكرك إلى أن نموت"..
فى بروكلين كانت البداية
فى مدينة بروكلين، بولاية نيويورك الأمريكية ولد ميكى رونى يوم 30 سبتمبر 1920م لعائلة فنية، حيث كانا أبواه ممثلين وهو ما جعله يعمل بالفن منذ نعومة أظفاره، فقد كان والده جو يول ووالدته نيل يقدمان مسرحية هزلية وكان رونى يشارك فيها وهو فى الثانية من عمره ويرتدى حُلة سهرة صغيرة، وحين كبر أضاف موهبة الرقص وإلقاء النكات إلى رصيده على المسرح قبل أن يصل إلى الشاشة الفضية، ويقدم دوره الأول كشاب صغير يدخن السيجار فى الفيلم الصامت القصير "غير أهل للثقة".
بعد انفصال والديه سافر رونى مع أمه إلى كاليفورنيا، حيث دفعت به إلى عالم السينما، وكان عمره سبع سنوات فقط حين مثل فى سلسلة الأفلام القصيرة "ميكى مجواير" من عام 1927م إلى عام 1934م.
واللافت فى مسيرته الفنية أن والدته نيل غيرت اسمه إلى ميكى مجواير قبل أن تغيره مرة أخرى إلى ميكى رونى حين بدأ يمثل أدوارا أخرى أكثر تطورا، وهنا شعرت أمه بالثقة من أنه سيصبح نجمًا سينمائيًّا.
نجوميته
بدأت نجومية رونى الفنية فى سن مبكرة، حيث قدم وهو فى السادسة من عمره دورًا ناجحًا فى أحد المسلسلات الكوميدية، كما وقع وهو فى الرابعة عشرة من عمره عقدا مع شركة "إم جى إم".
فى عام 1935م أدى دورا ناجحا أمام "جين هارلوى" و"سبنسر تريسى" فى فيلم ريفراف، حيث جسد دور شقيق "هالوى"، ونال إعجاب الجميع، بعد ذلك قدم فيلم "فريدى بارتولومى"، فى دور ابن لورد إنجليزى يُفقد فى شوارع نيويورك، ويصبح خبيرًا فى شئون الشوارع.
لكن انطلاقته الفنية المهمة كانت عام 1937م، من خلال دوره فى فيلم "شأن عائلى"، والذى تحول فيما بعد إلى مسلسل بعنوان "عائلة هاردى"، وهو ما جعل شركة "إم جى إم" تستثمر نجوميته وتقدمه مع الممثلة "جودى جارلند" فى فيلم "ثوروبريد لا تبكى"، الذى لعب فيه دور فارس، ومن خلال هذا الدور واصلت نجوميته الصعود، وأكدت أعماله الفنية أن موهبته غير محدودة، وأصبح واحدًا من أبرز نجوم هوليود.
الحرب العالمية
قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) حصل على شهرة بسيطة بفضل دوره فى فيلم "شاب من الحى المجاور"، لكنه بعد خروج بلاده منتصرة فى الحرب صعد بشكل مذهل، بسبب أدواره المتميزة فى أفلام: "المخمل القومى"، والذى مثل فيه إلى جانب إليزابيت تيلور، وكذلك أفلام "الإفطار عند تيفانى"، و"إنه عالم مجنون مجنون مجنون مجنون"، و"بييب: الخنزير فى المدينة"، و"ليلة فى المتحف".
وبحلول عام 1965، حقق 200 فيلم قدمها رونى 3 مليارات دولار حول العالم، وهو ما جعل السير لورانس أوليفييه يصفه ذات مرة بأنه أعظم ممثل قدمته أمريكا على الإطلاق، وفقا لبى بى سى. وكان آخر ظهور له على الشاشة فى فيلم "The Woods" عام 2012م.
الأوسكار
فى 2006 شارك فى الفيلم الكوميدى "نايت آت ذى ميوزيوم" وفى العام 2011 أدى دورا محدودا فى فيلم "ذى مابيتس"، وعلى مدار سنوات عمره الثلاثة والتسعين شارك فى أكثر من 300 فيلم، وحاز فى عام 1939م على جائزة أوسكار أحسن ممثل، ثم فاز بها مرة أخرى 1982م عن مجمل أعماله، بعد أن رشح لها 4 مرات.
زواجه
عرف رونى بتعدد علاقاته النسائية وتزوج ثمانى مرات وأشهر إفلاسه عام 1962، مما جعله يتصدر عناوين الأخبار الفنية كنجم أسطورى فى عالم هوليوود، وفى أثناء سنواته الفنية مثّل إلى جانب النجمتين الأسطوريتين جودى جارلاند وإليزابيث تايلور فى أفلام وأعمال موسيقية، فى مسيرة استمرت ثمانية عقود.
رونى تزوج ثمانى مرات، إحداها كانت من حسناء الشاشة آفا جاردنر، وسئل ذات مرة عما إذا كان ليتزوج زوجاته الثمانية لو عاد به الزمن، فأجاب: "طبعا، أحببت كل واحدة منهن".
وفاته
بتوقيت الولايات المتحدة وفى ليلة الأحد 6 إبريل أعلنت السلطات فى ولاية لوس أنجليس، أن الممثل الأمريكى ميكى رونى الذى أصبح نجما لامعا وهو لا يزال فى سن الشباب فى الثلاثينات من القرن الماضى ثم أصبح ممثلا متعدد المواهب على مدى نحو عشرة عقود توفى عن عمر يناهز 93 عاما، ولم تذكر أسباب الوفاة.
ونقل مكتب الطب الشرعى فى لوس أنجليس عن شرطة المقاطعة قولها "إن رونى الذى اشتهر بحياته الشخصية الحافلة فى ذروة شهرته والذى تزوج ثمانى مرات، مات بعد مرض طويل فى منزله بستوديو سيتى، وقال لارى دايتز المسئول بمكتب الطب الشرعى "إن شرطة المقاطعة أخطرت مكتبه أن رونى توفى يوم الأحد فى منزله".
وقالت الممثلة مارجريت أوبراين فى بيان لها "كان بلا شك الممثل الأكثر موهبة على الإطلاق، لم يكن هناك شىء لا يستطيع القيام به"، وصرحت بأنها عملت مؤخرا مع رونى فى فيلم "الحالة الغريبة للدكتور جيكل ومستر هايد" وكان فى الفيلم "عظيما كعهدنا به دائما".
وقالت الممثلة روز مارى وهى صديقة قديمة للممثل الراحل: "إنه كان من أبرز المواهب العظيمة التى حظى بها عالم السينما"، وقالت فى بيان "سأفتقده والعالم سيفتقده".