Thread Back Search

اخبار جريدة الشرق الاوسط الاحد 30/9/2012

  • Dreambox-Sat
    2012-09-30




  • اخبار جريدة الشرق الاوسط الاحد 30/9/2012





    ملفات السياسة الخارجية المصرية: حول مصر والإقليم والملف النووي الإيراني
    تركيا لن تشعر بالضغوط الاستراتيجية التي يمكن أن تحس بها مصر والسعودية إذا أفلتت إيران من معاهدة منع الانتشار

    يكتب أحمد أبو الغيط، وزير خارجية مصر الأسبق، لـ«الشرق الأوسط» عن قضية الملف النووي الإيراني وأخطاره على المنطقة، وهو قد تابع خلال 7 سنوات كان فيها على رأس الدبلوماسية المصرية هذا الملف. ويكشف عن أنه تم تشكيل مجموعة عمل صغيرة في الخارجية المصرية لمتابعة تطورات هذا الملف منذ وقت مبكر.. وكان التركيز على بحث آثار أي عمليات عسكرية في الخليج.. ويشير إلى أن ظهور قدرة نووية إيرانية ووجود القدرة الإسرائيلية التي يتحدث عنها الجميع سيجعل العالم العربي، وخاصة المشرق ودول مجلس التعاون تجلس تحت ظل الرعب النووي، وسيفرض ذلك على البعض في العالم العربي التفكير في إقامة برنامج نووي للردع.

    تابعت باهتمام بيان الرئيس أوباما الذي ألقاه في افتتاح النقاش العام لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، والذي أكد فيه نيته على عدم السماح لإيران بالحصول على السلاح النووي... وكنت قد قرأت في وقت سابق في دورية الشؤون الخارجية التي تصدر بالولايات المتحدة، وتعكس الكثير من مقالاتها ودراساتها وآرائها، التوجهات الرئيسية للنخبة الأميركية في معالجتها للاهتمامات و/أو الهموم الأميركية تجاه العالم الخارجي ودور الولايات المتحدة في شؤونه... مقالا مستفيضا، لم يكن الوحيد، ولكن سبقه آراء كثيرة أخرى، تطالب كلها... ومن خلال حجج وآراء مختلفة، ألا تتصدى الولايات المتحدة بتوجيه أي ضربة أو ضربات عسكرية لإيران التي تسعى للحصول على قدرة نووية عسكرية... بل وأن تتعايش هي – أى الولايات المتحدة - وإسرائيل وبقية العالم الغربي مع هذه القدرة النووية العسكرية مع السعي لتطويقها وحصارها وبما يفرض عليها – أي إيران – أوضاعا مشابهة لما تعرض له الاتحاد السوفياتي، على سبيل المثال، منذ أول تفجير ذري سوفياتي في عام 1949 وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي في ديسمبر (كانون الأول) 1991... أو كوريا الشمالية في السنوات العشر الأخيرة التي تحركت خلالها نحو بناء قدرة نووية عليها شكوك حقيقية كثيرة وعلامات استفهام متعددة!... وتعايشت معها الولايات المتحدة طوال هذه الفترة ومعها اليابان وكوريا الجنوبية... ومن خلال إجراءات مختلفة كثيرة لا تدخل في نطاق التناول هنا.

    أخذت من جانبي أتابع ردود الفعل الأميركية والإسرائيلية على هذه المقالات التي طُرحت في الإعلام الأميركي والإسرائيلي والدوريات الأكاديمية الغربية والأميركية.. وكنت طوال سنوات ممتدة أحاول أن أرصد تطورات موضوع الملف النووي الإيراني، خاصة خلال سنواتي السبع، وزيرا للخارجية المصرية في الفترة من 2004 وحتى 2011، وذلك لتأثيراته، التي كنت أراها غاية في الأهمية على كل مستقبل سياسات إقليم الشرق الأوسط، إذا ما تحقق فعلا أن إيران كانت تسعى للحصول على قدرة نووية عسكرية.. أو وصلت إليها في نهاية طريق طويل.. أو تعرضت في المقابل لضربة إجهاضية تستهدف تدميرا أو تعطيلا وتأخيرا لهذا البرنامج النووي الإيراني.

    كنا قد شكلنا في وزارة الخارجية المصرية، وفي توقيت مبكر مع بدء بزوغ الموقف، مجموعة عمل دبلوماسية صغيرة أعطيتها مهمة دراسة المسألة في الكثير من جوانبها.. وإن كنت أكدت على المجموعة عدم التركيز على البحث في حقيقة أو عدم حقيقة التوجهات الإيرانية للسعي نحو هذه القدرة النووية العسكرية، إذ قدرت أن الإمكانيات المصرية الذاتية لن تستطيع التوصل إلى تبين حقيقة الأمر من عدمه.. وأن مثل هذا الجهد – بالتالي – لن يفيدنا كثيرا، بل سيهدر من وقتنا ويفقدنا رؤية المسائل الأكثر أهمية، خاصة وقد كنا على اقتناع بأن هناك دولا وأطرافا دولية تستطيع إلى حد كبير كشف ما قد يحاول الإيرانيون إخفاءه من عناصر برنامجهم النووي: حقائقه.. أهدافه.. مغزاه.. وسوف يحاط المجتمع الدولي علما بكل تفاصيل الصورة مثلما ستتضح من قبل وكالة الطاقة الذرية أو من خلال القدرات المستقلة للدول ذات المعرفة والإطلاع. من هنا طلبت من مجموعة العمل إعداد ورقة موجزة يمكن استخدامها كأساس لمناقشات أكثر اتساعا وعمقا بين كل أجهزة الأمن القومي المصري، توطئة لطرحها على الحكومة المصرية إذا ما تطورات الأمور إلى مواجهات ساخنة بين إيران والقوى الغربية وإسرائيل.

    كانت مصر، بطبيعة الحال، تنصح وتحث الولايات المتحدة، وأي أطراف غربية أخرى لها مواقف حادة من الملف النووي الإيراني، على أهمية عدم التصعيد العسكري.. بل وتفاديه بأي شكل كان.. وتكشف البرقيات الأميركية التي تسربت خلال فضيحة «ويكيليكس» وقائع الموقف المصري في هذا الصدد.. وهو الاستعداد لمسايرة الضغوط الاقتصادية على إيران باعتبارها أقل الضررين، ليس فقط على إيران ولكن بالنسبة لكل الإقليم على اتساعه من الخليج إلى قناة السويس.

    كان تركيز الدراسة المصرية بالخارجية يدور حول بحث آثار أي عمليات عسكرية بالخليج وضد إيران على أوضاع الجاليات المصرية الكبيرة في دول مجلس التعاون.. وبطبيعة الحال فإن لمصر تجربة كبيرة تعرضت لها جالياتنا في أزمة حرب الكويت الأولى وعالجتها الدولة المصرية بقدر معقول من الكفاءة والاقتدار.. كما أعطينا في الدراسة اهتماما كبيرا لآثار مثل هذه العمليات على الأوضاع الاقتصادية بالخليج وأسعار النفط وتأثيراته على الاقتصاد العالمي.. وتناولنا أيضا في أوراقنا عواقب هذه العمليات علينا بشكل مباشر.. قناة السويس وأمنها.. ومدى احتمال محاولة إيران أو أطراف، ليست دولا، التعرض لها إذا ما استخدمت القناة - مثلما تفرضه اتفاقية القسطنطينية - في مرور الوحدات البحرية الأميركية، وغيرها، وصولا إلى مياه البحر الأحمر أو المحيط الهندي.. بل أجرينا دراسة مستفيضة لقواعد هذه الاتفاقية في علاقتها بحدث مثل الذي نتحدث عنه في هذه الصفحات.

    كان يتوارد إلينا، وعلى مدى فترة ممتدة، وكلما زادت سخونة الموقف واحتمالات القتال أو الحديث عنه، أن هناك خططا تدبر للتعرض للقناة.. وقصف السفن العابرة لها، العسكرية أو غيرها من سفن التجارة والنفط، للتأثير على الوضع الإقليمي وإضعاف تصميم القوى المعادية لإيران.. من هنا كانت خشيتنا على أمن سيناء بشكل عام وأمن حدودنا على وجه الخصوص من اتجاه الشمال الشرقي.

    تضمنت الدراسة الكثير من العناصر المهمة الأخرى التي لها تأثير مباشر على مصر وأمنها القومي واقتصادها وشعبها.. وبانتهاء البحث في كل هذه الأمور تحركت الخارجية في مرحلة تالية لتوسيع إطار التعرف على مواقف بقية المؤسسات المصرية الرئيسية.. وتوصلت الدولة المصرية في النهاية إلى تصور عام لما يجب أن تنتهجه من إجراءات وقرارات وخطوات يمكن أن تُتخذ في حينه - وكخيارات متاحة - إذا ما تدهور الوضع بمنطقة الخليج.. أي وضعنا خططنا العامة وأخذنا حذرنا.. ثم أبقينا على المتابعة اللصيقة للموقف وتطوراته..

    لم أرغب في أن نخوض، في حينه، على مستوى الخارجية، في احتمالات تغليب العمل العسكري المباشر ضد إيران من قبل خصومها، خاصة أن الصورة ليست بكاملها متوافرة لدينا، وإن كنا قد عملنا على محاولة الاطلاع والتعرف، من قبل كل المصادر الخارجية المُتاحة على النوايا الأميركية و/أو الإسرائيلية.. وما يمكن أن يحركهم أو يمنعهم من مثل هذا العمل. وكان الرئيس السابق مبارك يعطي اهتماما كبيرا للأمر، ويتابع بتدقيق كل المعلومات التي تتوافر حول هذا الموضوع. كان يعي أخطار العمل العسكري، ويتفهم ضرورات حماية مصر من أخطاره إذا ما تحقق، وكثيرا ما نصح الإيرانيين بعدم قطع خيط الاتصال مع الغرب واستمرار التحدث والتفاوض حول عناصر برنامجهم النووي مع حثهم على أهمية عدم السعي للدخول للمجال النووي العسكري للعواقب المترتبة على ذلك.. والاقتصار على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بكل عناصرها.

    كان كثيرا ما يقول لي، عندما يثار الحديث حول إيران وملفها النووي، إنه يقدر أن الولايات المتحدة وإسرائيل لن تحاولا النزول بقوات برية على الأراضي الإيرانية، وإنهما إذا ما استقر رأيهما، وبقية القوى الغربية، على القيام بتحرك مُعاد فسوف يتم ذلك باستخدام القوة الجوية فقط وبشكل مكثف وبكل أدواتهما الحديثة، وفي إطار زمني ممتد نسبيا، مع تحديد أولويات للعمليات الجوية، تبدأ بتدمير القدرات الصاروخية والجوية الإيرانية، ثم تتدرج نحو عناصر كثيرة أخرى.. مع الوصول في النهاية لقصف المنشآت النووية الإيرانية. كنت شخصيا، وعلى مدى هذه السنوات، أتابع تطورات الحشود الأميركية أو غيابها.. عدد حاملات الطائرات التي توجد في الشرق من قناة السويس وفي مياه المحيط الهندي أو شرق البحر الأبيض المتوسط.. البطاريات المضادة للصواريخ التي يتم نشرها في إسرائيل أو منطقة الخليج.. مدى كثافة الإعلام الأميركي والغربي وهجومهما على الملف النووي الإيراني من عدمه.. محاولات الأميركيين التأثير على الروس والصين والوسائل المُتاحة.. مدى التصعيد الغربي في إطار وكالة الطاقة الذرية، و/أو مجلس الأمن.

    كان الرئيس السابق مبارك، رغم خشيته من هذا الخيار، يُقدر أن الإمكانيات الإسرائيلية الجوية تمكنها من القيام بعمليات ضد إيران بمفردها.. وكثيرا ما استمعت لوجهات نظره في هذا المجال كلما أرسلت إليه تقاريرنا حول المسألة وهي كثيرة ومتعددة.. وكنت أتشكك من جانبي في دقة هذه القراءة، آخذا في الحسبان بطبيعة الحال خبرته المتراكمة ومعرفته العميقة باستخدامات القوة الجوية وتأثيراتها.. ومع ذلك أشرت، أكثر من مرة في أحاديثي معه، إلى شكوكي في المسألة، وذلك من واقع أحاديث واتصالات عديدة مع أطراف غربية لها معرفة بالملف، أو قراءاتي العامة حول أسلوب استخدام القوة الجوية في نزاعات عديدة. كنت أحاول، بين الحين والآخر، أن ألفت النظر إلى المسافات الطويلة التي ستحتاجها المقاتلات والقاذفات الإسرائيلية في عبورها نحو أهدافها وأراضي الدول الأجنبية التي تفصل إسرائيل عن إيران.. وقدرات الإنذار المبكر والرصد الإيراني.. والحاجة للتزود بالوقود في الجو في طريق الذهاب إلى أو العودة من نقاط العمليات. ولم أتطرق إلى ما وصلني من دراسات غربية، تجعل من الصعوبة بمكان نجاح إسرائيل في القيام، بمفردها، بمهمة مثل تلك.. وكثيرا ما قال البعض إن هناك أخبارا بنوايا في استخدام قواعد ومطارات لدول قريبة من إيران، ليست منها الدول العربية أو تركيا، وتشككت من ناحيتي في كل هذا الكلام. وكان تقديري، ولا يزال، أن إسرائيل، في محاولتها التصدي للوضع الإيراني، إما أن تتفق مع أميركا مسبقا على عمل ما أو تسعى لتوريط القوة الأعظم في عمل ما.

    كنا بالخارجية نحيط الرئيس بكل ما يثار في كل الملف بجوانبه المختلفة.. وتناولت بالكتابة مع كل قادة ومسؤولي الأجهزة الرئيسية رؤيتي للموقف، وأهمية الإعداد والتجهيز لتحصين مصر داخليا، في كل المجالات، بقدر الإمكان، من أخطار أي عمل عسكري إسرائيلي منفرد أو بمشاركة أميركية ضد المنشآت الإيرانية.. واستمرار السعي لعدم وصول الأمور إلى هذه النقطة وحتى لا ينفجر الموقف في وجه كل شعوب الشرق الأوسط.. بل والعالم.

    وكنا ننصح الأطراف المعارضة لإيران، ومسؤولي وكالة الطاقة، أن ينظروا في إمكانية التوصل إلى تفاهمات مع إيران يتم بمقتضاها القبول بأن تكون لدى إيران قدرات متفق عليها في تخصيب اليورانيوم.. وربما أيضا معرفة كاملة بدورة الوقود النووي، مع الاتفاق على فرض نظام صارم للإشراف والمراقبة والتحقق من التزام طهران بعدم الدخول إلى مرحلة الأسلحة النووية.. بل الاستمرار في قصر البرنامج على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والالتزام كذلك بمنهج محدد للتصرفات الدولية والإقليمية يؤدي إلى تغيير السياسات الخارجية الإيرانية في انطلاقاتها على المسرح العربي.. وكانوا يستمعون جميعا من دون تعقيب.. وهكذا بقى الموقف: مفاوضات مفتوحة دون سقف زمني.

    استمر الأميركيون، على مدى سنوات، يهددون بأن العالم الغربي لن يسمح لإيران بالحصول على قدرة نووية عسكرية.. وأحيانا كثيرة كنت أميل إلى تصديق هذه المقولات لمعرفتي بمنطلقاتها وأهدافها، وهي كثيرة، خاصة مع اقتناعي بأن التهديد لإسرائيل وأمنها يختلف في مفهومه لدى الولايات المتحدة عن الموقف بالنسبة لكوريا الجنوبية أو حتى اليابان في وجه التهديد الكوري الشمالي، وهي الأوضاع التي كان البعض يستعيرها في النقاش أو الحوار الدائر، باعتبار عدم إمكانية المقارنة بين أوضاع غرب آسيا (إيران وإسرائيل ونفط الخليج)، مع شرق القارة الآسيوية (اليابان والكوريتين)، مهما قيل عن أهمية هذه الأطراف للاقتصاد العالمي.. وكثيرا ما تم تناول البعدين الروسي والصيني في إطار هذه المناقشات والمقارنات، وأقول المعادلات الخاصة بشرق القارة، أو على الأقل ارتباطهما بشكل أكثر التصاقا بهذا الإقليم الآسيوي المهم، وبخاصة الصيني، بما يمكن أن يحدث في البحر الأبيض المتوسط أو غرب آسيا (أذربيجان وتركيا والجمهوريات الإسلامية).

    على الجانب الآخر.. لم تكن تغيب عني الأخطار العميقة التي يمكن أن يتعرض لها الشرق الأوسط من جراء عمل عسكري غربي ضد إيران: الآثار الاقتصادية المدمرة على الوضع العالمي واستقراره إذا ما وقع هذا الفعل.. وتدهور الأوضاع بالدول الإسلامية وبخاصة في مناطق الجوار الصيني والروسي.

    من هنا أخذت أتابع كل هذه الآراء الغربية التي كانت تدفع نحو فكرة التعايش مع هذا الملف بالكثير من الاهتمام.. إذ إن الرؤية والهدف المصري حينذاك كانا في أهمية إقناع إيران بعدم المضي في الطريق العسكري، والتركيز فقط على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ووجدنا في هذا الهدف اتفاقا من شركاء رئيسيين لنا (تركيا والسعودية وغيرهما)، في حين أخذ البعض في سوريا يروجون لفكرة هذا الملف النووي العسكري الإيراني باعتباره يحقق التوازن في الرعب النووي بين العرب وإسرائيل... وكانت لي بطبيعة الحال تحفظات كثيرة.

    واستخدمنا مواقفنا في هذا الشأن في إطار بحث الموضوع على مستوى وكالة الطاقة الذرية الدولية، وفي اتصالاتنا الثنائية مع إيران. وعلى الخلاف من ذلك الفكر لدينا فإن هذه التوجهات الأميركية، التي كانت مُثارة منذ سنوات، وتتحدث عن التعايش والتوازن النووي مع إيران والقبول ببرنامجها - وفي الوقت نفسه استمرار تضييق الخناق عليها واقتصادها - تعتمد في منطقها على تجربة الحرب الباردة، والتوازن النووي بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة طوال أربعين عاما.. بل إن بعض الكتابات الأميركية توصلت، في دفاعها عن هذا المنطق، إلى أن السماح بقدرة نووية إيرانية سيقودها إلى إنفاق باهظ سوف يفرضه هذا البرنامج متعدد الوجوه: صواريخ.. قنابل نووية.. إخفاء في صوامع عملاقة في باطن الأرض.. وغير ذلك من العناصر التقليدية في مثل هذا البرنامج وبما يجهز على الاقتصاد الإيراني أو إمكانيات التنمية النشطة للمجتمع الإيراني.. بل أخذت هذه الأفكار والتوجهات من المثال الباكستاني منهجا مقترحا لإضعاف إيران اقتصاديا وبما ينعكس على استقرارها.. وكنت وما زلت أستغرب فكرة إتاحة قدرة نووية لمجتمع ما، ثم العمل على إضعاف استقراره الداخلي بكل الأخطار الكامنة في ذلك.

    كنت على اقتناع طوال السنوات بأن الملف النووي الإيراني، في بعده العسكري، وبافتراض صدق ما يقال ويتردد عنه - وهناك مؤشرات ولا شك على أن إيران تبغي الوصول (على الأقل) إلى مرحلة «العتبة» النووية - يمكن أن تكون له عواقب عميقة على وضعية مصر الاستراتيجية وسياساتها في الإقليم وعلى مستوى العالم.. وكانت منطلقاتي دائما في التحليل تدور حول نقاط محددة:

    * أن إسرائيل لديها قدرة نووية عسكرية لم تعلن عنها إطلاقا بشكل رسمي، إلا أن كل المؤشرات تقول بوجودها.. وأن الملف النووي الإيراني، وفي انضمامه إلى الإسرائيلي، سيعقد الأمور ولن يسهلها، خاصة في مسألة منع الانتشار النووي، أو أخطار ولوج هذين الطرفين إلى تبني استراتيجيات، وصلت إليها القوى النووية سابقا، وكشفت عن أخطار مخيفة للبشرية.

    * أن مصر، وبقية الدول العربية، وعلى مدى عقود، تُركز على ضرورة إقناع المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للتخلي عن الخيار النووي، خاصة وقد أثبتت المواجهة العسكرية في عام 1973 أن ما قيل عن وجود قدرة نووية إسرائيلية عندئذ لم يمنع مصر من توجيه ضربتها عبر القناة، أي أن السلاح النووي الإسرائيلي لم يمنع الحرب.. من هنا تطلب مصر والعرب أن تنضم إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي.. كما أننا نتمسك طوال الوقت بألا تُعامل إسرائيل معاملة هؤلاء الذين لم يوقعوا المعاهدة، وقاموا بتجارب نووية، ولم يتم الاعتراف بهم رسميا في الوقت نفسه باعتبارهم دولا نووية، مثل الهند وباكستان، أو أخيرا كوريا الشمالية التي انسحبت منذ سنوات من إطار معاهدة منع الانتشار ونهجت مسارا نوويا عليه شكوك في قدراته الحقيقية.

    * أن اقتناعي الجازم كان يقودني إلى نتيجة مفادها أن توصل إيران إلى قدرة نووية عسكرية كاملة، أو حتى الوصول إلى مرحلة «العتبة» النووية، سيؤدي إلى إفشال الجهد المصري العربي لإقناع القوى الغربية، على مدى زمني، بضرورة فرض انضمام إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار والتخلي عن السلاح النووي. وقد يقول قائل هنا إن هذه القدرة النووية الإيرانية يمكن أن تحقق التوازن بين إسرائيل والدول الإسلامية والعربية، في ما قد يسمى عندئذ توازن الرعب النووي الإسرائيلي - الإسلامي.. وأجدني أختلف بشدة مع هذه المقولة، إذ لم يثبت قط أن باكستان، ذات القدرة النووية، استخدمت أو هددت بتفعيل إمكانياتها النووية لإقامة توازن مع إسرائيل أو للدفاع عن الفلسطينيين و/أو العرب، بل إن التركيز الباكستاني كان دائما في النظر إلى خطر التهديد الهندي. وبالمثل فإن تقديري أن أي قدرة نووية إيرانية لن تُستخدم للدفاع أو الردع لحماية الإقليم الإسلامي من خروقات الغرب أو تهديدات إسرائيل.. بل إن هذه الإمكانيات الإيرانية ستستخدم، وفقط، للدفاع عن مصالح إيرانية سواء في ردع إسرائيل والغرب عن القيام بعمل عسكري ضدها، أو لتأمين استمرارية نظامها والجمهورية الإسلامية، وأخيرا لفرض سطوتها وتأثيرها على الإقليم والدفع بمصالح إيرانية تلقى حاليا المقاومة من أطراف خليجية، بل ومصر ذاتها ومعها تركيا. وقد يرى رأي أن القدرة النووية التكنولوجية الإيرانية البازغة يمكن أن تسهم في التأثير على الغرب بأن يفرض قيدا حديديا على القدرات النووية العسكرية لكل الأطراف الشرق أوسطية.. ويبقى ذلك أملا لنا نسعى لتحققه، خاصة أنه لا توجد دلائل حتى الآن على تحقيق انفراجة في الملف الإسرائيلي بمعزل عن السياسات العامة والعريضة لمسائل منع التسلح النووي في إطلاقه... أي وجود عالم خال من السلاح النووي.

    * أن ظهور قدرة نووية إيرانية، ووجود هذه القدرة الإسرائيلية التي يتحدث عنها الجميع بثقة، سوف يجعل العالم العربي، خاصة المشرق ودول مجلس التعاون، يجلس في ظلال الرعب النووي أو الهيمنة من قبل هذين الطرفين الخارجين عن البيت العربي.. وسيفرض ذلك على البعض في هذا العالم العربي التفكير في ضرورة إقامة برنامج نووي عربي للردع أو الدفاع.. ولا شك أن مثل هذا البرنامج سوف تكون له - إذا ما اتفق عليه عربيا أو بين دولتين عربيتين لهما ثقلهما بالإقليم، وأقصد بهما مصر والسعودية - تأثيراته وعواقبه وتحدياته.. ولا شك أن مثل هذه الخطوة لها بصماتها لدى القوى الغربية والولايات المتحدة وإسرائيل، وبما يفرض على هذه الأطراف أهمية السعي لمنع إيران من الدخول في المجال النووي العسكري، وإلا فإن التهديد سيشمل كل عناصر اتفاقية منع الانتشار في علاقتها بالشرق الأوسط.

    * تردد آراء بأنه إذا ما أفلتت إيران من قيود معاهدة منع الانتشار، وتوصلت إلى هذه القدرة النووية، فإن تركيا سوف تسعى هي الأخرى للحصول على إمكانيات نووية.. حتى لا يغيب النفوذ التركي بالإقليم بالمقارنة بالتأثير الإيراني فيه.. والحقيقة فإنني ورغم عدم استبعادي لهذا السيناريو المحتمل فقد كنت دائما أرى أن تركيا، وهي جزء من المنظومة الأمنية والعسكرية الأطلسية على المسرح الأوروبي منذ عام 1949، لن تستشعر الضغوط الاستراتيجية التي قد تحس بها أو تراها دولة مثل مصر أو السعودية، في حالة ظهور إيران نووية.

    * كانت الولايات المتحدة تعرض بين الحين والآخر، ومنذ بدء إدارة بوش الابن، الأولى، ثم إدارة أوباما، ومع زيادة احتمالات الإمكانيات النووية الإيرانية، فكرة قيام الولايات المتحدة بتوفير غطاء سياسي استراتيجي تعاقدي مع الدول العربية بإقليم الشرق الأوسط للدفاع عنها ضد التهديدات النووية الإيرانية.. وكنا وما زلنا نرفض هذا الحديث لأنه يستهدف في الحقيقة، ليس التصدي للقدرات الإيرانية التي لا يتصور إطلاقا إمكانية استخدامها - بفرض وجودها - من قبل إيران ضد دول عربية وإسلامية، رغم محاولة الإيحاء الأميركي لنا بذلك، ولكن تمييع وإضعاف فكرة مقاومة البرنامج النووي الإسرائيلي بالادعاء بوجود غطاء أو مظلة أميركية لكل دول المنطقة، بما فيها إسرائيل، ضد إيران.. ومن ثم فإن الهدف الأميركي في تقديري هو تمييع المقاومة ضد إسرائيل وليس الحماية من إيران.

    * أن الاقتناع المستقر لدىّ أن السلاح النووي هو سلاح للردع فقط، وأنه منذ تجربة القنبلة الذرية الأميركية في يوليو (تموز) 1945 في صحراء نيومكسيكو، فقد استخدمت مرة واحدة يتيمة للدفاع ضد اليابان بضرب مدينتي هيروشيما ثم ناغازاكي خلال الأيام العشرة الأولى من أغسطس (آب) 1945. من هنا فإن إنفاق أي دولة لمثل هذه النفقات التي يتطلبها أي برنامج نووي، خاصة إذا ما كان في صورة شاملة ومتكاملة الوجوه، يمثل في تقديري إهدارا لموارد مجتمعات ترنو إلى التقدم والنمو وليس السطوة والسلطان. من هنا فإنني كنت دائما أتحسب من انجراف مصر إلى أوضاع تفرض عليها النظر في أو دراسة مثل هذا البرنامج.. كذلك كنت لا أستشعر الارتياح لآثار وعواقب هذا البرنامج النووي الإيراني العسكري، بافتراض صحة ما يتردد حوله، سواء في التعايش والقبول به من قبل الغرب وإسرائيل أو في ظروف مرتبطة بالمواجهة والحرب. كنت وما زلت أتحسب من الخطرين، أي خطر القدرة النووية الإيرانية التي يتعايش معها الغرب.. أو خطر التصدي لها بالحرب، وهي مرفوضة تماما. واليوم تزداد كثافة النقاش حول الموضوع.. ونبقى على المتابعة اللصيقة، وتصرفات ومواقف وأحاديث الأطراف المختلفة. وكنت من جانبي وفي إطار رصد الموقف الأميركي، باعتبار محوريته لكل المسألة، أقدر صعوباته، بين استمرار التصعيد في الحصار والعقاب الاقتصادي والإجراءات المخابراتية المتخصصة ضد إيران، والتي قد لا تقود في الغالب إلى إيقاف البرنامج الإيراني.. والصعوبة الأخرى في قرار الحرب بكل أخطارها وعواقبها على الجميع.. ويبقى الخيار الثالث، خيار تسوية سياسية فنية، تتيح لإيران الحق الكامل في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تحت إشراف صارم وعملية تحقق ومراقبة مستمرة.. ونوفر الطمأنينة للجميع.. ويبقى أن تقبل الأطراف بهذا الخيار.

    __________________________________________________ _______

    الجيش الحر يشعل المعارك في حلب.. والجيش النظامي يشعل الحرائق في القرى المجاورة للحدود مع تركيا
    في «جمعة توحيد كتائب الجيش السوري الحر»
    بيروت: بولا أسطيح

    بعد أكثر من 24 ساعة على انطلاق الجيش السوري الحر فيما سماها «معركة الحسم» في حلب لم يتم تسجيل أي نصر أو هزيمة بالمطلق إن كان للجيش الحر أو القوات النظامية، في وقت أفيد عن تقدم الثوار على جبهات عدة من دون تحقيق خروقات مهمة. واستمرت أعمال العنف في مختلف المناطق السورية مخلفة يوم أمس وبحسب لجان التنسيق المحلية ما يزيد عن 100 قتيل.

    وكان رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن أن «المعارك تتركز في حلب على نطاق غير مسبوق ولم تتوقف منذ الخميس» مضيفا أنه «في السابق كانت المواجهات تجري في شارع أو شارعين من قطاع معين، لكنها تدور الآن على عدة جبهات».

    وقال أبو فرات أحد قادة لواء التوحيد البارزين في حلب على جبهة حي صلاح الدين: «تمكنا من السيطرة على إحدى قواعد القوات النظامية، وقتل 25 جنديا على الأقل في هذا الهجوم». وقال أحد المقاتلين المعارضين في هذا اللواء، والذي شارك حتى منتصف الليل في المعارك التي اعتبرها المقاتلون «حاسمة»: «سمعنا الجنود عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية يطلبون من قادتهم إرسال الدعم. كانوا يبكون ويقولون (سنموت جميعا)».

    وأوضح مقاتل آخر أن 20 مقاتلا معارضا قتلوا في الاشتباكات التي بدأت الخميس وأصيب 60 آخرون بجروح.

    وأشار عدد من قادة المقاتلين المعارضين إلى أنهم نجحوا في التقدم على محوري السكري والإذاعة.

    وفي حي صلاح الدين، تقدم المقاتلون قبل أن يضطروا إلى التراجع بسبب نقص الذخيرة، بحسب ما أفاد أبو فرات لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال: «لخوض حرب شوارع نحن في حاجة إلى قذائف، وللأسف لا نملكها». وبات مسجد الأمويين في حلب المقر الجديد للمقاتلين المعارضين، وهو يقع على خط التماس في قلب المدينة القديمة. واستمرت الاشتباكات منتصف أمس على أطراف المسجد. وترددت أصداء انفجارات عدة في الحي حيث قامت دبابات القوات النظامية بإطلاق قذائفها في شكل منتظم.

    ومن داخل حلب، تحدث الناشط محمد لـ«الشرق الأوسط» عن «اندلاع اشتباكات عنيفة جدا بين قوات النظام والجيش الحر في أحياء الجميلية والفيض وبستان الزهرة وصلاح الدين وسيف الدولة والأعظمية والعرقوب والميدان وشارع النيل، فقام النظام بالرد بمئات القذائف من المدفعية الثقيلة والمقاتلات الحربية التي انهالت على أكثر من 18 حيا في مدينة حلب، ونتيجة لهذا القصف العنيف نشأت سُحب دخانية سوداء ضخمة غطت سماء المدينة سرعان ما تحولت إلى ضباب انتشر في أغلب أحياء المدينة ترافقت معه رائحة كريهة جدا مهيجة للسعال ومؤذية للحلق والعين».

    وأكد محمد أن «الجيش السوري الحر لا يزال يسيطر على أكثر من 70% من أحياء المدينة، حيث لا يزال يسيطر على الخط الواصل من غرب حلب (صلاح الدين وسيف الدولة) مرورا بأحياء بستان القصر والكلاسة وانتهاء بأقصى شرق حلب (الصاخور وطريق الباب) بالإضافة إلى سيطرته على معظم أحياء وشوارع حلب القديمة بما في ذلك حي القلعة، بينما أعلن إعادة سيطرته على حيي العرقوب وسليمان الحلبي مؤكدا أنه لم ولن ينسحب من حلب قبل تحريرها بالكامل».

    وكما في كل يوم جمعة، خرج معارضو نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مظاهرات في مختلف المناطق السورية تحت عنوان «جمعة توحيد كتائب الجيش السوري الحر» في إشارة إلى الخلافات الداخلية التي تنخر المعارضة السورية وتنامي ظهور الفصائل المستقلة المتشددة.

    في غضون ذلك، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن أكثر من عشرين أعدموا فجر يوم أمس ميدانيا في حي القصور بدير الزور.

    وفي ريف حلب، قتل سبعة أشخاص من عائلة واحدة في قصف نفذته طائرة حربية تابعة للجيش النظامي السوري على منزل بمدينة أعزاز المحاذية للحدود التركية.

    وقال مدير المكتب الإعلامي بالمدينة محمد نور إن الطائرة استهدفت في وقت مبكر من صباح أمس منزلا يضم 11 شخصا من عائلة شحود، مما أدى إلى مقتل خمسة أفراد وجرح أربعة آخرين نقلوا إلى مستشفى كلس التركي.

    وتحدثت الهيئة العامة للثورة السورية عن أن الجيش النظامي أشعل حرائق في القرى المجاورة للحدود مع تركيا فيما أفيد عن إصابة مدنيين أتراك بعد سقوط قذيفة مدفعية على الجانب التركي من بلدة تل أبيض.

    بدورها أفادت شبكة شام بتجدد القصف المدفعي على أحياء جوبر والسلطانية بحمص.

    وفي درعا دارت اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والنظامي الذي قصف بالصواريخ والدبابات ومضادات الطيران على قرية كحيل. أفاد المرصد السوري أن عدة انفجارات هزت اليوم بلدة «صيدا»، رافقتها اشتباكات بين القوات النظامية والجيش الحر.

    وأضاف أن حيي الجبيلة والعرفي وأحياء أخرى في مدينة دير الزور تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وتهدم بعض المنازل.

    وأوضح أن الاشتباكات استمرت بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة في عدة أحياء من مدينة دير الزور حتى الساعات الأولى من صباح يوم أمس، رافقتها أصوات انفجارات.

    هذا وقصف الطيران الحربي السوري مجددا المنطقة الواقعة على الحدود اللبنانية السورية والمقابلة لمنطقة الجورة وجرود عرسال داخل الأراضي السورية.

    وقال بعض النشطاء والثوار إن عناصر في حزب العمال الكردستاني، الذي تربطه منذ عقود علاقة قوية بالنظام السوري، تشارك في معارك حلب للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة.

    وقال الحلبي إن هناك معارك تعد هي الأشرس تحدث في منطقة الشيخ مقصود ذات الأغلبية الكردية التي كان حزب العمال الكردستاني يقاتل فيها مع قوات النظام جنبا إلى جنب. وذكرت كتيبة التوحيد، التي تعد من المجموعات الثورية الكبيرة في المدينة، على صفحتها على موقع «فيس بوك»، دخول أفراد الكتيبة للحي واشتباكهم مع مسلحي حزب العمال الكردستاني هناك. مع ذلك قال محمد سعيد، وهو ناشط آخر مقيم في حلب، إن أفرادا من حزب العمال الكردستاني انسحبوا بعد فترة وجيزة من بدء القتال دون أن يشاركوا في المعركة. حسب الـ«واشنطن بوست»

    __________________________________________________ ______

    مجلس حقوق الإنسان يدين سوريا ويمدد تحقيقا في ارتكاب جرائم حرب
    عين المدعية للمحكمة الجنائية الدولية كارلا ديل بونتي للجنة التحقيق في سوريا
    واشنطن: هبة القدسي

    اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس الجمعة قرارا يدين الممارسات العنيفة لقوات النظام السوري في بلدة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص. وندد المجلس في دورته الحادية والعشرين بجنيف، الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها القوات المسلحة في استخدامها للأسلحة الثقيلة ضد السكان المدنيين، وأدان تزايد المجازر في سوريا. ووافق المجلس بأغلبية أعضائه على تمديد عمل اللجنة الدولية التابعة للمجلس للتحقيق في مجزرة الحولة لمدة ستة أشهر، حتى مارس (آذار) 2013.

    وأكد القرار على مسؤولية قوات النظام السوري والشبيحة عن تلك المجزرة، وطالب بمحاسبة المسؤولين عنها، وإخلاء سبيل جميع المعتقلين السوريين، وتمكين المراقبين من دخول جميع مراكز الاحتجاز فورا. وطالب القرار بإجراء تحقيق دولي شفاف ومستقل وفوري في انتهاكات القانون الدولي، والانتهاكات التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وتمكين لجنة التحقيق، التي يرأسها البرازيلي باولو بينيرو، من الدخول بشكل كامل ودون قيود إلى سوريا للقيام بعملها.

    وكانت المجموعة العربية بالمجلس (التي تضم المغرب وتونس والكويت والسعودية وقطر) قد قدمت مشروع قرار يطالب بتمديد مهمة اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق حول سوريا وتوفير موارد بشرية ومالية لها. وأبدت المجموعة قلقها من تصاعد العنف وتزايد عدد اللاجئين والنازحين والمشردين داخل سوريا في الدول المجاورة، وأدانت مواصلة السلطات السورية انتهاكات حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الثقيلة وعمليات الإعدام التعسفي وأعمال القتل للمتظاهرين. وساند كل من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي القرار.

    ووافق المجلس، المكون من 47 عضوا، بأغلبية 41 صوتا مقابل رفض ثلاث دول هي روسيا والصين وكوبا وامتناع ثلاث دول أخرى عن التصويت هي الهند وأوغندا والفلبين.

    ورحبت واشنطن بالقرار، وأكدت أنه يقوي من الدعم المقدم للجنة لتوثيق الانتهاكات المرتكبة ضد الشعب السوري. وقالت السفيرة الأميركية لدى مجلس حقوق الإنسان إيلين تشامبرلين دوناهو: «إن تمديد عمل لجنة التحقيق مهم لتوثيق أسماء المسؤولين عن تلك الجرائم والانتهاكات، وضمان أن لا ينالوا حصانة من المساءلة، وأن يمثل كل من ارتكب جرائم ضد الشعب السوري للعدالة والمساءلة». ورحب الاتحاد الأوروبي بالقرار مطالبا بوضع حد فوري لأعمال العنف. وقال الاتحاد الأوروبي في بيان: «إن جرائم الجماعات المسلحة لا ترقى إلى مستوى الانتهاكات المرتكبة من قبل القوات الحكومية».

    من جانبه، رفض مندوب سوريا فيصل خباز حموي نص القرار واعتبره قرارا مسيسا وانتقائيا، واتهم إرهابيين إسلاميين بتصعيد العنف في بلاده.

    وبررت روسيا رفضها للقرار واعتبرته قرارا غير متوازن ولا يدين العنف من كل الأطراف، بما في ذلك جماعات المعارضة المسلحة، ونددت روسيا في بيانها بحصول الجماعات المسلحة على السلاح والمال، بما يشجع على الإرهاب ومزيد من أعمال العنف.

    وقالت ماريا خودينسكايا مندوبة وزارة الخارجية الروسية: «إن موسكو لا توافق على نتائج اللجنة حول أحداث الحولة وتطالب بإجراء تحقيق كامل لهذه الأحداث المأساوية، لأن قضية من المسؤول عن الحادث ما زالت مفتوحة والتحقيق يجب إنهاؤه ولا يجوز اتهام الحكومة السورية دون الاستناد إلى قاعدة إثبات كافية». وأضافت: «نحن نشك بأن مشهد الحولة يتم تكراره على الساحة الإعلامية لخلق ظروف للتدخل المسلح».

    كما وافق مجلس حقوق الإنسان أمس على اقتراح تقدمت به سويسرا لضم كارلا ديل بونتي المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، ضمن فريق التحقيق الذي يقوم بالتحقيق بشأن جرائم الحرب في سوريا.

    وأعلنت رئيسة مجلس حقوق الإنسان لورا دوبوي لاسير أمس أنه تم تعيين القاضية كارلا ديل بونتي والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة حول كوريا الشمالية فيفيت مونتاربورن مفوضين في لجنة التحقيق التابعة للمنظمة الدولية حول سوريا.

    وقالت دوبوي لاسير في اليوم الأخير من دورة المجلس: «مع الأخذ في الاعتبار تمديد تفويض (اللجنة) حتى مارس 2013 الذي قرره المجلس اليوم (أمس الجمعة)، وفي ظل عدم وجود مؤشرات تحسن على الأرض، أرغب في تعزيز اللجنة عبر تعيين مفوضين اثنين إضافيين كارلا ديل بونتي وفيفيت مونتاربورن».

    وبتعيين ديل بونتي توقع عدد من الدبلوماسيين أن يحقق ذلك تقدما له فاعلية في تقديم منتهكي حقوق الإنسان في سوريا إلى العدالة. وأشاد الدبلوماسيون بقدرات ديل بونتي القانونية وقدرتها على استخدام المعلومات في الدفع بإجراء محاكمة، وخبرتها طوال ثماني سنوات في محكمة لاهاي في ملاحقة ومحاكمة الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش (الذي توفي عام 2006 قبل صدور الحكم).

    وأشار دبلوماسيون إلى أن ديل بونتي التقت الأسبوع الماضي في جنيف برئيس لجنة التحقيق البرازيلي باولو بينيرو لمناقشة توسيع نطاق التحقيق، وقالت سفيرة الاتحاد الأوروبي ماريا نجيلا زابيا إن لديها مهارات تحقيق عالية وقدرة على تحسين استخدام القدر الهائل من المعلومات الذي تجمعه لجنة التحقيق بهدف إجراء محاكمة يوما ما.

    وقد عملت كارلا ديل بونتي (من مواليد 9 فبراير (شباط) 1947 بسويسرا) مدعية عامة للمحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة منذ عام 1999. واستقالت من عملها ككبير المدعين في المحكمة الجنائية نهاية عام 2007. ورشحتها سويسرا للعمل سفيرة لها لدى الأرجنتين منذ يناير (كانون الثاني) 2008، ونالت ديل بونتي شهادة الماجستير في القانون عام 1972 وعملت لعدة سنوات في مكتب محاماة، وعينت عام 1981 قاضية بالمحاكم السويسرية. وتولت عدة قضايا لغسل الأموال والاتجار بالمخدرات والإرهاب والتجسس، وتعرضت لمحاولة اغتيال من مجموعات الجريمة المنظمة، لكنها نجت منها، ثم تولت منصب النائب العام في سويسرا.

    المعروف عن ديل بونتي صرامتها الشديدة ودورها البارز في ملاحقة ومحاكمة رئيس يوغوسلافيا السابق، ودورها في التحقيقات حول الاتجار بالأعضاء من قبل جيش تحرير كوسوفو. وتتحدث ديل بونتي الإيطالية والألمانية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة.


    من مواضيعى فى المنتدى

    جديد جميـــــع ترددات قنــــــوات HD و 3d ( بيــــن يديـــــك )

    صورة ناطقة أنت تكتب وهى تقول

    صور فساتين سهرة قصيرة مميزة وانيقة 2013/2014

    أبراج عبير فؤاد الاحد 27 ابريل 2014 ، توقعات الابراج من عبير فؤاد ليوم الاحد 27-4-2014

    صورة ساخنة لرولا اخت هيفاء وهبي 2013

    صور مكياج عيد الحب 2013 , صور ميك اب عيد الحب

    أبراج اليوم الاثنين 1/7/2013

    المشروبات الغازية تسبب اضطرابات النوم


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.