يُعد الخليل بن أحمد الفراهيدى (100 - 170 هـ/718 - 786م) أحد أئمة اللغة والأدب فى العصر الأموى، الذى اشتهر بعلمه الغزير، وعقليته الخلاقة المبُتكرة التى مكنته من تخطى حدود الزمان والمكان، فوضع وابتكر الكثير من علوم اللغة، أهمها علم "العَروض".
اكتشف الفراهيدى، علم العَروض عندما كان يسير بسوق الصفارين (الحدادين)، فكان لصوت دقدقة مطارقهم نغم مميز، ومنه طرأت بباله فكرة علم العَروض التى يعتمد عليها الشعر العربى، فكان يذهب إلى بيته ويتدلى إلى البئر ويبدأ بإصدار الأصوات بنغمات مختلفة ليستطيع تحديد النغم المناسب لكل قصيدة.
عكف على قراءة أشعار العرب ودرس الإيقاع والنظم، ثم قام بترتيب هذه الأشعار حسب أنغامها، وجمع كل مجموعة متشابهة ووضعها معا، فتمكن من ضبط أوزان خمسة عشر بحرًا يقوم عليها العَروض حتى الآن وهى "الطويل، والمديد، والبسيط" وتعرف بالممتزجة، فضلا عن "الوافر، والكامل، والهزج، والرجز، والرمل، والسريع، والمنسرح، والخفيف، والمضارع، والمقتضب"، وتسمى السباعية لأنها مركبة من أجزاء سباعية فى أصل وضعها، وأيضا "المتقارب، والمتدارك".
ويعد الفراهيدى أحد العلماء القلائل الذين أجمع عليهم المؤرخون فى زهدهم وورعهم، حيث نقل بن خلكان عن النضر بن شميل قوله: "أقام الخليل فى خص له بالبصرة، وقوت يومه فلسين، وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال"، كما نقل عن سفيان بن عيينة قوله: "من أحب أن ينظر إلى رجلٍ خُلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد".
وتلقى العلم على يديه العديد من العلماء الذين أصبح لهم شأن عظيم فى اللغة منهم: سيبويه، والأصمعى، والكسائى، والنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوى، ووهب بن جرير، وغيرهم.