ربما لا يعرف جيل هذه الأيام أن عبد الحليم حافظ كان على شفا حفرة من السجن حين قدم أغنيته الجميلة "بدلتى الزرقا لايقة فوق جسمى" التى كتبها الشاعر عبد الفتاح مصطفى ولحنها عبد الحميد توفيق زكى، وشدا بها العندليب فى عام 1956.
فى ذلك الوقت كان نظام يوليو قد حدد أنصاره واختار أعداءه، بناء على توجهاته الاجتماعية وانحيازاته الطبقية، فتعامل مع جماعة الإخوان بحدة حين كشرت عن أنيابها وسال لعابها على السلطة، ولعلك تذكر محاولتها الفاشلة فى اغتيال جمال عبد الناصر عام 1954، أما التنظيمات الشيوعية فقد ناصبت عبد الناصر العداء منذ البداية، فاعتقل النظام بعض المنتمين إلى هذه الأفكار عام 1955 "يوسف إدريس على سبيل المثال"، فلما قدم عبد الحليم أغنية "بدلتى الزرقا" عام 1956 التى يحتفى فيها بملابس العمال ويتغزل فى "البدلة الزرقا" التى يرتديها كل عامل، حينئذ استثمر الجهلة والحقودون الأغنية ضد العندليب، وقالوا إنه يمجد الطبقة العاملة التى تعد الظهير القوى للشيوعيين.
ووفقا لما قاله ملحن الأغنية عبد الحميد توفيق زكى فى برنامج إذاعى قبل سنوات، فإن تهور أجهزة الأمن دفعها لأن تطالب باعتقال الثلاثى حليم والمؤلف والملحن بوصفهم شيوعيين، ولولا تدخل عبد الناصر لارتدى عبدالحليم زى المساجين!