كانت هناك قرية لم يعرف أهلها التمدن بعد، وكانوا يسمعون الأعاجيب عن المدينة وعاداتها المختلفة، وكانوا يريدون أن يعرفوا حقيقة ما يسمعون عنه طوال الوقت، وفى أحد الأيام سافر منهم، رجلان إلى المدينة لفترة ثم عاد واحد منهم فالتفوا حوله، وسألوه كيف وجدت المدينة؟ كيف هم أهلها؟ ما حقيقة ما كنا نسمع عنه؟، فأجابهم الرجل بثقة لقد ذهبت بنفسى وعرفت الحقيقة، وهى أن المدينة هى مرتع الفساد وكل أهلها سكيرون لا يدينون بشىء، لقد كرهت المدينة، فعرف الناس الإجابة التى انتظروها طويلا، فانفضوا وعاد كل منهم لعمله.
وبعدها بأيام عاد الرجل الثانى، لم يهتموا بسؤاله عن رأيه، إلا أنهم التفوا حوله حين وجدوا له رأيا لم يتوقعوه لقد ذهبت بنفسى وعرفت الحقيقة، وهى أن المدينة مليئة بدور العبادة وكل أهلها متدينون طيبون، لقد أحببت المدينة.
أصيب الناس بالارتباك، هل المدينة سيئة أم جيدة؟ هل أهلها طيبون أم أشرار؟
لم يجدوا مجيبا عن هذه الأسئلة إلا حكيم القرية وكان هو ملاذهم الوحيد ذهبوا إليه بالقصة وسألوه: أحدهم قال إن المدينة فاسدة مليئة بالأشرار، والآخر قال إنها فاضلة مدينة بالأطهار، أى منهم نصدق؟
أجاب الحكيم كلاهما صادق، فالأول لا أخلاق له لذا ذهب إلى أقرب حانة حين وصل للمدينة، فوجدها ممتلئة بالناس، بينما الثانى متدين صالح، لذا ذهب إلى المسجد حين وصل للمدينة، فوجده ممتلئا بالناس، وأضاف: من
يرى الخير فهو لا يرى إلا ما فى داخل نفسه، ومن يرى الشر فهو لا يرى إلا ما فى داخل نفسه.
لذلك نقول "كل إناءينضح بما فيه" أى كل أفعال الناس ليست سوى نسخة من الشخصية التى يحملونها فى داخلهم.